Monday, March 21, 2016

أنتِ عبادة الله المحببة



تسعة عشر عامًا قد مر عيد الأم فيهم واليوم هو العيد العشرين الذي يأتي وأنا أتنفسُ رائحتك يا أمي و ينبضُ قلبي أعتمادًا على نبضاتكِ وأكمل مسار خطواتي إلى الأمام مندفعةً تحت ظل رعايتكِ. بلغتُ العشرين وأنتِ يا أمي زاد من عمركِ عشرين عامًا.
خلال كل هذه السنوات، قدمتي لي ابتسامتكِ لأكون سعيدةً وكنتِ آن ذاك قطعًا في أمسّ الحاجةِ لها، ولكنك وكما عرفتكِ تحبين الإيثار وتضحين بأعز مالديكِ لنكون المستقبل الذي طالما حلمتي به. جعلتيني يا أمي اتغذى من رحيق حبكِ الخفّاق والذي يزيد من خفقان حبي إلى الحياة. الحياة التي هي مرادفة لاسمكِ يا أمي فمن دونك يصبحُ العالم أمام عيني شاحبًا مُرًا يفتقدُ إلى تقاسيمك الحانية وملمس كفيكِ الدافئين وحضنك الغامر وتصرفاتك التي تغني عن ألف كلمة أحبك قد قلتيها لي سرًا في صدرك ولم تعلمِ بأنها وصلتني مع قبلةٍ على جبيني. 

أمي وما أحن لفظ اسمكِ فهو يجعلني اتوهجُ حبًا وأتذكر كل الجميل الذي قدمتيه ويجعلني أيضًا أتألم بسبب تقصيري الدائم تحت كل جمائلكِ. فأنتِ يا أمي لستِ كسائر الأمهات وأنا لا أقولها لأني ابنتكِ الصغيرة، أنما أقولها كفتاةٍ جعلتيها تحبك وتراكِ قدوةً لها وترى أن الجنة ليست تحت أقدامكِ فقط ،أنما تراكِ الجنة ذاتها التي يكررُ الله وصفها في كتابه الكريم. أنهُ يصفكِ ويقول بأن يمرُ بين يديكِ وقلبك وجدانٌ وأنهارٌ مليئةً بالعسلِ المصفى والحبِ الهانئ الذي لا ينضب. أمي أعزكِ الله بذكرك في القرآن. وإن أقل ماعلي فعلهُ هو تقبيل كل موضعٍ يلامسك فهو يصيّر إلى مسكٍ وعنبر، يفوح منه الريحان وزهر الأقحوان. 

سأبقى الصغيرة المدللة التي لاتكبر على خبزكِ المخبوز بحبّكِ ولا عن صوتكِ الهادئ والذي يتدفق بنعومةٍ نحو سمعي لابتسم وأقول الله سخي وكريم ليجعل انتمائي إليكِ. 

أمي أنا هنا بعيدةٌ بجسدي الهامد فكل مافيني يطوف حولكِ ويطلبُ من الله أن يعطيني أجر العمرةِ والحج معًا فأنتِ مقدسة كالكعبة ومشرّفة من الله بشرفٍ قل من لا يعرفه. أنتِ قبلة العشاق و بوصلة الحب التي تجذبني إليها مهما حاولت الظروف أبعادي عنها. فأنا يا أمي أصلي صلاة التوبة مرارًا وتكرارًا خشية أن لايصلكِ حبي. 

أمي أنا آسفة على كل كلمة أحبك قلتها خلسةً فيكِ ولم أصرّحها إليكِ. آسفة على كل قبلةٍ تمنيتها أن تشكل اثرًا على جبينكِ كما السجود يفعل في جبين العابد ولم أقم بها. آسفة على أني ابنةٌ سيئة لأمٍ رائعة . 
فأنتِ يا أمي صراطُ الله المستقيم الذي يجب علي أن أسلكه لتصل كل دعواتي المصدقة برضاكِ العزيز إلى الرب. 

عيناكِ يا أمي قد وهبني اللهُ مثلهما، أرادني أن أرى صورتكِ منعكسةً أمامي دومًا ولهذا فلتحيا العيون العسلية،فهي الفتنة الوراثية التي جعلتني أحبُّ جمالي. أحبكِ و كل عام وأنتِ أمٌ لكل شعورٍ فيني . كل عام وأنا لا اكفُ عن التضرع إلى الله لينجوني من جحيم بعدك ويجمعني بكِ قريبًا في بيتنا الدافئ مجددًا.

                                                                                                                                 - ابنتك المغتربة والمحبة دومًا ؛ ساره .   

No comments:

Post a Comment